لقد مات رفيقنا بالأمس ولم أعرف سوى اليوم ، لم أعرف سوى الآن .
هل باعدتنا الحياة لدرجة أنّي لم أعرف خبر وفاته سوى بعدها بيوم وليلة ؟
لم أراسله من مدة ، منذ عرفت أنّه أُصيب بذاك المرض الذي لا أستطيع أنا عندها الصمود عن البُكاء حين أتحدّث لصاحبه .
رُبما لم أعرف سوى أن أدعو له وأبعث له بالرسائل دون أن أتحدث إليه .
أتذكُر حين مات رفيقك الصغير ؟
كنت تنعيه بأن الطيبون يموتون ، يموتون دون أشياءٍ طيّبة !
يموتون لأشياءٍ جميلة
يذهبون إلى أماكن وأناسٍ وعوالم لا نعلم عنها سوى ما وراء الخيال .
أصابتني دهشة عجيبة حين وصلتني رسالة بالخبرالذي لم أتوقّعه يومًا ، لم أتوقّعه رُغم أني أعرف خبر مرضه ولم أصدقه !
فلانٌ توفي !
اتصلت بهاتفه ، حاولت إقناعي بأن الخبر بالتأكيد ليس صحيحًا وأنّه سيجيب ؛ لأفاجأ بهاتفه مُغلق !
اتصلت برفاقنا وكلهم أجابوني بنعم ، لقد توفي .
رفيقنا هذا كان يُمثّل لي مشروعًا قد وُلد مع حُبّنا .
مشروعًا تمنى ،- وتمنينا جميعًا بعده - أنا نخدم به الأقصى ، أن يكون لنا دورٌ في خدمة القدس .
كان لا يصمت عن الكلام عن القضية والسعي للتنفيذ .
ترك أثرًا على كل من كان يعرفه ، ترك أثرًا في النفوس التي تعرّفت إليه .
كان قلبه طيبًا جدًا ، كان ليّنًا في معاملته .
أنا لا أستطيع التعبير عن الأشياء حين تحدُث قبل أن تنضج !
لكن أنا لا أكتب لك هذه المرة لأني أُحبّك ولا لأني مشتاقة لأتحدّث إليك ، بل لتعقل ما حدث مع رفيقنا هذا .
لأنّه كان يُمثّل لي ذكرى معك والماضي لا يُمحى بل يقف أثره !
أصمت لسانك ، أصمت قلمك ، أنا لم أعُد أحبّك أبدًا ومنذ اليوم لم أعُد أكرهك .
أنت أصبحت عاديًا جدًا .