أتعلم يا من كنت سيدي؟!
لا أعلم من أين أبدأ وكيف أنتهي وما الذي علي قوله ، لكنني سأكتب وأحرر آخر كلماتٍ لك...
يخونني اليوم قلمي لأنني أكتب عنك أيضا ، وخانني قبلاً لأنه رسمك بكلماتي وعلى أوراقي في روح رجل آخر لم يكن يوماً أنت...
فالقلم هو أول الخائنين ، وخانني قلمي وقلمك أيضاً...
من ضحايا الأقلام أنا ومن منكوبي زلازل الكلمات ومن شهداء حروب فلسفة الأفعال...
كنت يوماً أحسب قلمي كاتم أسراري - كما كنت أحسبك يوما- لكنه لم يكن سوى قاتل يثرثر بأسرار الضحية لأعدائه فتزداد سخافة الأفعال ــ مثلك تماما ــ فتذكرت أني نسيت أنك أهديتني إياه يوماً مع باقة كلمات منمقة كانت لها رائحة الحب ، أكنت يوماً تضع حسابات الفراق يا من كنت سيدي؟!
وضعت بقلمك السم لتقتلني باسم امرأة أخرى ، وحاولت أنا أن أجعل قلمي بعيدا عن سُمِّ قلمك وقلبك فلم ينقذه أنه أفنى حبر روحه في حبك ورسمك والإعتذار لك أنت أيضاً ، لم يكفيك أن قلمي لم يخنك بينما خانني قلمك سنواتٍ من الكلمات دون إعتذار بلحظة من الهمسات...
لم تعد المساحة بيننا تكفي لأغوص بقلمي في بحر الكلمات بعمق أفكارك التي لم أعلم لها يوما هوية ؛ فكثيرة هي أفكارك ومتقلبة هي مزاجات فلسفتك ولم تعد لتعنيني أنتَ وتفسيرات هواجسك كي أكتشفها...
لم تعد المساحة تتخطى أن أرسم خطوط حدودك كي لا تتعدى اسمي ، وأمنح عينيّ وسام الصبر كي لا تذرف دموعها ندماً على حبك ، وأُطمئن عقلي أن اسمك لم يعد في الذاكرة ولم تعد ذكرياتك تعنيني ، وأضم روحي كي لا تضطرب خوفاً حين تلمح الشرر يتطاير من تخبطك المؤلم بالسيرة الأولى لحب جاءك قدراً ولم تكن لتستحق ذرة هواء تنفستها في مملكة قلبي...
أحرقت رسائلك وكان قلبي مطفأة لهيب الحنين فيها ولم يعد لك سوى بقايا أوراق محروقة رمادية ومقبرة لذكريات لم أكن أستطع قتلها فقتلتها أنت بعدلك الحنبلي أيها السيد العظيم الشأن في نفسك...
رأيتك اليوم وكأنني لم أكن أحبك بالأمس ، لم أشعر سوى بالحسرات لأنني أحببتك يوماً ، بينما وقف أمامي من ظل يتأملني ويحملق وتدور عينيه في ملامحي حتى التقت عينانا ؛ فتذكرت مقولة لفرانسواز ساغان - قرأتها في أحد كتب أحلام - تقول :
أنت في العشرين تستطيع أن تحب
أنت في الثمانين تستطيع أن تحب...
هناك دائما مناسبة لاشتعال البرق...
فعلمتُ أنني قد أُهديت قلماً آخر...
وكتبت خطيئتي الأخيرة بقلمك العابث...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق