تأبى الكلمات انصافي في ليلة طاغية البرودة من خواء الأجواء والأرواح ، من خواء الكلمات ذاتها...
أكتب وأعلم أن الكلمات غاضبة لأجل من علمني نطقها ، وأعلم أنها لن تسمح لي الليلة بكتابة ما يُشبع رغبتي في الكتابة وحاجتي في أن أسطر شيئا مني على صفحات استفزني بياضها...
ربما لأن الابيض هو لون معاناتي أصبحت لا أفضل ان ألمحه بأي حال على الإطلاق...
أصبح الأبيض معاناتي ، كلما توهمت بوجوده تفاجأت بانعدامه ، كلما شرفت على التصديق بالأبيض انهارت دلائلي ورغباتي ، حين نحلم في الركن الابيض من محور الحياة نسقط حيث لا مقاومة للموت ، حيث الللا احتمال للمواجهة ، حيث السقوط ثم العدم...
لطالما كان انعدام الأبيض في حياتي كانعدام الحياة ذاتها ، كلما خُيل إليّ وجوده تشبثت بأطراف خياله ، وعلقت بالأحلام كما تعلقت دوما بثوب أمي كي لا تذهب دوني...
كنت طفلة هادئة وصبية مُبكية وفتاة بريئة بالأبيض ، لم تكن احتمالات تجمع الالوان في الأبيض مُصدقة لدي ، سطروها في كتب العلوم والفيزياء ، وكتبوا ألوانها بالحبر الأسود ، حين يتسرب الأبيض ويتحلل خلال المنشور الذي تأملته يوما لأكتشفه ثم ألقيت به على بُعد أمتار مني غير مكترثة ، رددت يومها " لابد انني سأكشف عكس النظرية "...
ما يثير غضبي اليوم ان الالوان كانت مرئية دون أدنى ريب في وجودها وانبثاقها من اللون الابيض ذاته ، هكذا نحن لا نتصور سوى حين نكشف بانفسنا الوقائع فتصبح حقائق ، لا نتأمل كثيرا حينها ، نسلم دون حركة ، استسلام هاديء النبض تماماً...
حقيقة الأبيض مؤلمة لكن وحدها تصدقك ، تعلمت وجود الأَسود حين تتوقف الرؤية لأن شرط الحب أن تُهدي عينيك لمن أحببت والرمادي لون رصاص كلماتُ وعدٍ اُطلق ليأتي بدمائك فتوقع فعلة متميزة بالأحمر الفاقع...
تأبى الحروف كلمات تسطرني...لكنها رؤس أقلام
أتت كلماتي "مناظَرة" لكلمات أحدهم ...
ربما سأُنهي سلسلة على شرف كتاباته...