على وشك الانتهاء من دراستي التي لم أكُن أحُبّها كثيرًا
بل لم أكُن أفهمها كثيرًا ..
معقدة هي الطريقة التعليمية حتى أنّي تخيّلت الأدب صعبًا ..
أنا التي ضعف بصرها في السنوات الثلاث الأخيرة بسبب ما أُطالع من أدب ..
لم أكُن أعلم أنّ ما أدرسه مُرتبط جدًا بما أُحبّه !
اكتشفت أني أُحب دراستي فقط في السنة الأخيرة ..
وتعلّمت أن أفهم الأشخاص والأشياء جيدًا ، ربما أُحبّها وليس معي خبر !
وقد كنت لا أعرف دُفعتي جيدًا ..
لم أكُن أهتم كثيرًا بأن أعرف زملائي ..
الحق يُقال أنّي لم أحب زملاء الدراسة كثيرًا ..
رُبما لأني هجرت هذا البلد فترة لم أستطع الإندماج ..
كان هناك فتىً يُراقبني ولا أعرفه ..
حتى أنّه في فترة الامتحانات يأتي عند باب لجنتي ..
يتمتم بأشياء لا أفهمها جيدًا ، ويذهب !
حين طفح بي الكيل سألَت صديقتي إحدى الفتيات ، وأخبرتها بكل ذهول أنه فتى الدُفعة الأول !
أو بلفظ آخر كما يتداوله البنات : فتى أحلام فتيات الدُفعة !
حين أخبرتني صديقتي ، نظرت لها نظرة شذراء ولم أهتم !
مرّت السنتين الأولى والثانية ولازال الفتى يُراقبني ..
لم أذهب للكلية إلا ورأيته أمامي كأنّه يتبعني ..
في بداية الأمر ظننت أنّها صُدف ..
لكنني كنت أراه في كل مكان أذهب إليه ، فظننت أنّه يتبعني ..
بعد ذلك ، بدأت أُلاحظه في كل مرة أنزل فيها للمدينة التي أدرس بها وإن كان يوم غير دراسي ..
بأول الأمر أيضًا قررت أنّها صدفة !
لكن الأمر بدأ يتكرر حتى بدأت أراه في كل مكان ..
حتى أصابني هوس بطبيعة هذا الفتى !
بدأت أسأل صديقتي ما اذا كانت تراه كما أراه ، فتجيب بنعم !
حين تأتي بدايات السنوات الدراسية لا أحضر ، فيظل يُراقب صديقتي !
حين أعود من السفر تُخبرني أنّه كان ينتظرني كل يوم ..
لم أكُن أيضًا أُعير له انتباهًا حين يقف وينظر دون أن يُخفض بصره !
كلّ ما كان يشغلني بهذا الفتى ، هو كيف أني أراه في كل مكان !
بدأ يتحدث مع صديقاتي ، ولم يُحادثني قط ..
كان تحدّث إليّ مراتٍ قليلة جدًا لم يكن يقول شيئًا ..
صادفته مرة في المكتبة بعد أن كنت رأيته في الشارع المجاور قبلها بخمس دقائق !
سبقني إلى المكتبة ، فجُننت !
ظللت أسأل صديقتي ، كيف ؟!
كيف وصل قبل أن نصل ؟!
تحدّث إليّ بابتسامة خفيفة وذهب ، وأنا مذهولة !
كنت على وشك أن أسأله : هل أنت إنسيّ ؟!
نحن الآن في فترة امتحاناتنا الأخيرة ..
لازلت أراه كل يوم تقريبًا ، وأنا أُذاكر بمدخل عمارة بجوار كليتنا !
والعجيب أنّه يمر من هناك ، ينظر ويتباطأ في مشيته ثم يذهب !
كيف عرف أني هنا ؟!
وظلت صديقتي تسألني : ما الغرض من كل ما يفعل ؟!
ليتني عرفت ما السر وراءه ..
تُمازحني : هذه فرصته الأخيرة !
أنهرها وأصمت ..
أحيانًا أتخيّل أنّه مجنون ..
وأتسأءل كيف لقّبوه بهذا اللقب وهو هكذا جبان !
أو لا يستطيع التعبير ..
وأصل في النهاية إلى أنّه رُبما غير إنسيّ !
لا أعرف ..
نحن بصدد آخر يومٍ في امتحاناتنا النهائية ولم يُعبّر الفتى عن أي شيء ..
لم أعرف ما الذي كان يفعله !
لم يُحاول أية مرة أن يتحدث إلى ..
فقط يُراقب ويصادفني في كل مكان ..
قررت أن أكتب عنه أخيرًا بعد أربع سنوات ..
لأنني بالفعل سأكتب كل ما كان يحدث بعد أن ينتهي ..
تضع صديقتي الأمل على اليوم المُتبقي ..
رُبّما قال أيّ شيء !